الجمعة، 8 مايو 2015

قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
خصائص الحضارة الصينية، فيما يتعلق بالكتابة والكتب والمكتبات في النقاط التالية:
1-تعد الحضارة الوحيدة التي لا تزال تستخدم إلى الآن اللغة المكتوبة التي نشأت في مجتمعاتها منذ أقدم العصور.
2-فضلهم في اكتشاف صناعة الورق، الذي يعد أهم مادة كتابية على مر العصور.
3-أول من كتبوا على الحرير، وأنتجوا ما عرف "بالكتب الحريرية"
4-أول من استخدم تقنيات الطباعة في الحضارات القديمة.
5-صناعتهم للريشة المصنوعة من وبر الحمل " بي" كأداة للكتابة لم تكن معروفة من قبل.
6-صناعة الأحبار المستخدمة في الكتابة والطباعة، والتي لا زالت تقنيات صنعها  مستخدمة إلى الآن.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي


حفظ المجموعات في المكتبات في أوربا في العصور الوسطى
كانت المخطوطات  في مكتبات تلك الفترة تحفظ في مكان آمن داخل الدير مثل حجرة المقدسات، وغالبا ما كانت هذه المخطوطات تحفظ مع الأوراق الرسمية والمستندات الهامة وذلك داخل دولاب خاص أو أكثر إما في داخل الجدران، أو موضوعة بحذاء الجدران كما كان الحال في المكتبة القديمة، وعندما تكون المجموعات كبيرة الحجم، فإنها كانت تحفظ في مكان خاص بها، وكان مبنى المكتبة في ذلك الوقت يشبه إلى حد كبير حجرة المقدسات.
 اتخذت المكتبات تدابير كثيرة  لضمان سلامة مجموعاتها من السرقة أو التلف منها:
1) ما يعرف بلعنة الكتب، وهذه كانت عبارة عن كلمات قليلة تكتب على المخطوطات تهدد السارق بالعقاب الشديد.
2) تكليف حارس بالمحافظة على الكتب. وغالبا ما كان هذا الحارس يقوم بهذه المهمة إلى جانب وظيفته الأساسية وهي الترتيل في الكنيسة.
3) ربط الكتب إلى خزانتها بسلاسل من حديد. وهذا الإجراء قد أصبح أكثر شيوعا في العصور الوسطى المتأخرة وربما في فرنسا خاصةً.



قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
تاريخ الكتابة
مع التطور التاريخي لحياة الإنسان وتداخل المجتمعات مع بعضها البعض وترابطها، وجد الإنسان نفسه غير قادر على التفاهم مع الغير من المجتمعات الأخرى، ولذلك بذل قصارى جهده في ايجاد الوسيلة التي يستطيع عن طريقها التواصل والتفاهم مع تلك المجتمعات، ولذلك هداه التفكير إلى اختراع الكتابة التي من خلالها يستطيع أيضاً حفظ إنتاجه الفكري وتراثه الثقافي والعلمي من الضياع والاندثار.
وقد مرت الكتابة بعدة مراحل زمنية قبل أن تبلغ القبول والسهولة في الاستخدام، فقد بدأت على شكل صور تدل على معاني ومدلولات ملموسة في الحياة اليومية، وقد تم العثور على بعض النقوش والصور عمرها 3500 سنة في كهوف "لاسكو" في فرنسا و" ألتميرا " في إسبانيا.
 كما تم العثور على الكثير من النقوش والصور والرموز الدالة على معاني معينة في منطقة الهلال الخصيب وبالتحديد مع الحضارة السومرية وذلك قبل حوالي 5500 سنة. وقد دلت هذه النقوش والرموز على تطور الكتابة عندهم حيث عرفت كتابتهم بالمسمارية أو الإسفينية.
وقد كانت الكتابة في بداية عهدها عبارة عن صور توحي تماما بما رسم فيها. وفي مرحلة اكثر تقدما تطورت إلى صور رمزية توحي بمعنى معين. وتم العثور على حوالي 2000 صورة رمزية، ومما لاشك فيه ان هذه الرموز كانت صعبة الفهم لعامة الناس، فسارعوا إلى استعمال رموز توحي بأصوات معينة، وهذه الرموز الصوتية كانت خطوة أساسية إلى الأمام في تطوير الكتابة.
وفي مرحلة متقدمة من التاريخ البشري جاء الفينيقيون وهم سكان السواحل الشرقية لحوض البحر المتوسط وذلك حوالي 1100 ق. م، وابتكروا الكتابة الفينيقية مستعينين بذلك بالكتابة السومرية والمصرية القديمة وطوروها، وبذلك ابتكروا الأبجدية الفينيقية، والتي هي عبارة عن حروف وكل حرف يمثل صوتاً معيناً، وصارت حروفهم أو رموزهم واضحة سهلة للكتابة. وهذه الحروف كانت أساساً للكتابة في الشرق والغرب.
وجاء بعد ذلك الإغريق وطوروا أبجديتهم التي نقلوها عن الفينيقيين وذلك حوالي 403 ق. م حيث صار لديهم أبجدية خاصة بهم والتي أصبحت أساسا للأبجدية في الغرب. ثم جاء الرومان فاخذوا الأبجدية الإغريقية، فابقوا على بعض الأحرف كما هي (حوالي 12 حرفا) وعدلوا سبعة أحرف، أعادوا استعمال ثلاثة أحرف كان قد بطل استعمالها. وقد سادت الأبجدية الرومانية واللغة اللاتينية بلاد أوربا بعد سيطرة الإمبراطورية الرومانية على بلاد الغرب. وهذه الأبجدية مازالت تستعمل حتى يومنا هذا بعد إجراء بعض تعديلات عليها.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
تاريخ الكتابة العربية
أما الكتابة والأبجدية العربية فقد جاءت متأخرة بعض الوقت عن باقي الأبجديات لعدم اهتمام العرب بالكتابة في عصر الجاهلية وذلك لان معظم القبائل العربية كانت من البدو الذي يعتمدون على حفظهم في تداول تراثهم الفكري. لكن بعد نزول القران الكريم ودخول الإسلام الجزيرة العربية أخذت الكتابة العربية مكانها بين القبائل. ومع انتشار القران الكريم والدعوة الإسلامية في عموم الأقطار، انتشرت الكتابة العربية انتشارا واسعا، كما استعملت الكتابة العربية في لغات عديدة غير العربية منها الفارسية والأفغانية والتركية.
والأبجدية العربية في الأصل مشتقة عن الكتابة السامية التي اشتقت بدورها عن الأبجدية الفينيقية التي تألفت أصلا من 22 حرفا هجائيا ووصلت إلى العرب عن طريق الأنباط الذين سكنوا شمال الجزيرة العربية، وقد تأثر الأنباط بحضارة الآراميين وكتابتهم.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

تأخر ظهور المكتبات في أوربا في العصور الوسطى:
في بداية العصور الوسطي شهدت أوربا سقوط الدولة الرومانية في القرن السادس الميلادي، وذلك على أثر هجمات القبائل الجرمانية، كما كانت المسيحية قد انتشرت في أقطار أوربية عديدة، وأصبحت الديانة الرسمية لشعوبها. وكان لهذين العاملين أثرهما الواضح على تأخر ظهور المكتبات في أوربا الحديثة؛ فالجرمانيون الغزاة لم يكن لديهم اهتمام كبير بالكتب أو المكتبات، كما أن المسيحيين من أهل البلاد لم يكونوا يرحبون كثيراً بالكتب غير المسيحية باعتبارها من وجهة نظرهم كتباً وثنية.
وهكذا وقعت المكتبات الأوربية بين شقي الرحى، مما أدى إلى ضياع وتلاشي إعدادا كبيرة من المخطوطات التي كانت تمتلكها هذه المكتبات في بداية العصور الوسطى. أما البقية الباقية من المخطوطات فقد وجدت ملجأ لها في داخل الأديرة والمؤسسات الدينية المسيحية الجديدة.
وهكذا كان إنشاء وإدارة المكتبات في القرون الأولى من العصر الوسيط  يقوم على عاتق الرهبان بالدرجة الأولى، وكانت المكتبات توجد في الأغلب في داخل الأديرة، ولم يكن هناك نشاط ملحوظ لتكوين المكتبات خارج الأديرة؛ وذلك بسبب انتشار الأمية في مختلف البلدان الأوربية، فقد كان التعليم محدوداً، وأن عدد الذين يقرأون اللاتينية التي لغة التأليف والكتابة في ذلك الزمان - كان قليلاً، وأن القرون الأولى من تاريخ المسيحية كانت فترة قلاقل سياسية؛ فقد أغارت القبائل الجرمانية البربرية على إيطاليا ودمرتها، وشن السكسون والأيرلنديون هجماتهم الهمجية على انجلترا في القرن الخامس فخربوها، ولم تكد تلتقط أنفاسها في القرن السابع وتظهر فيها مكتبات الأديرة وتجلب لها الكتب من روما حتى تعرضت للخراب والدمار من جديد على يد الدانمركيين في القرن التاسع الميلادي.
ويبدو أن الحال قد ظل هكذا حتى القرن التاسع الميلادي. عندما تمكن أحد الرهبان المعروفين، وهو ألكوين Alcuin من أن يقنع شارلمان ملك ألمانيا، بأن يهتم بقضية التعليم – تعليم الشعب  مما جعل هذا الملك، الذي يقال انه كان يقرأ بصعوبة ولم يتعلم الكتابة أبدا، جعله يهتم بفتح المدارس في الأديرة والكنائس الكبيرة. مما ساهم في انتشار التعليم، ومن ثم زيادة الوعي بأهمية الكتب والمكتبات. فانشأ في قصره أكثر من مكتبة. وحذا حذوه من خلفه على حكم ألمانيا من أمثال حفيده  شارل الأصلع.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

بيت الحكمة" أو " خزانة الحكمة" التي أنشأها الرشيد في أواخر القرن الثاني الهجري ثم ازدهرت في عهد المأمون الذي كان محبا للعلم جماعا للكتب فحرص على أن يجلب إليها التآليف من كل حدب وصوب، وبعث إلى بلاد الروم وإلى قبرص وصقلية من يأتيه بتراث الأمتين العظيمتين في التاريخ القديم: اليونان والرومان، وبلغ من حرصه على جمع تراث الأمم القديمة أنه كان يرسل في كل صيف حملات دورية إلى مراكز الثقافة اليونانية في آسيا الصغرى كأنقرة وعمورية عرفت باسم "الصوائف"، ولم يكن هدف هذه الحملات عسكريا وإنما كان هدفها ثقافيا وهو جمع التراث القديم.
ولم تكن "خزانة الحكمة" مجرد مخزن للكتب كما قد يتبادر إلى الذهن أو كما يوحي بذلك اسمها، وإنما كانت مركزا للثقافة بأوسع معانيها، فقد كانت منتدى للعلماء  وقاعة بحث الدارسين، وكانت إلى جانب ذلك مركزا لترجمة الكتب ونسخها. وبمفهو م العصر الحديث نستطيع أن نقول إنهما كانت مؤسسة للترجمة والنشر،  فقد ضمت كثيراً من المترجمين أمثال حنين بن إسحق، ومن النساخين أمثال علان الشعوبي، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنها كانت مسرحا لأكبر حركة ترجمة شهدها التاريخ العربي فمنذ زمن المأمون أصبحت الترجمة عملا رسميا للدولة  نمارسه من خلال خزانة الحكمة، ومن ثم ارتبطت بها أسماء كثير من المترجمين نذكر منهم يوحنا بن ماسويه، ويوحنا بن البطريق، وحنين بن إسحق الذي يروي ابن أبي أصيبعة أن المأمون كان يعطيه زنة ما ينقله ذهباً. والذي جعله المتوكل على رأسها وجعل تحت يده "كتابا عالمين بالترجمة" كانوا يترجمون ويتصفح حنين ما ترجموا.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
أهم خصائص هذه الحضارة في مجال التأريخ للكتاب والمكتبات للحضارات القديمة بالآتي:
1-عظمة مكتباتها وما تحتويه من مقتنيات، حيث تعد مكتبات هذه الحضارة مثالا نموذجيا لمكتبات حضارات ما بين النهرين، سواء من زاوية المقتنيات، أو من زاوية الترتيب والتنظيم.

2-حفظت لنا كتابات هذه الحضارة معلومات دقيقة ومنظمة عن معطيات حضارتهم، قل أن يوجد ما يماثلها في الحضارات الأخرى
قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
أنواع ورق البردي
تعددت مقاسات الأفرخ للفائف البردية، وتنوعت استخدامات هذه الأفرخ واللفائف أيضاً. ولذلك فإننا نجد أسماء مختلفة أطلقت على هذه اللفائف، وعلى النحو التالي:
1- الإمبراطوري: وكان يطلق على الورق الذي كان يستخدم في كتابة الخطابات الخاصة بالطبقة الراقية من الرومان. وهو أجود أنواع البردي.
2-  ورق ليفيا: وذلك نسبة على ليفيا Livia، زوجة الإمبراطور الروماني أغسطس.
3-  لفائف أغسطس: وقد جاء هذا الاسم نسبة إلى الإمبراطور الروماني أغسطس.
4- الكهنوتي: وقد أطلق هذا الاسم على الورق الذي كان يستخدم للأغراض الدينية. ولم يكن طول الفرخ الواحد منه يزيد على 27 سم.
وجدير بالذكر أن أجود أنواع البردي، ما كانت ألوانه فاتحة، مائلة على الاصفرار، أو بيضاء تقريباً، أما الأصناف الدنيا، فكانت تختلف في اسمرارها قلة وكثرة.
 ولقد بلغت صناعة ورق البردي عظمتها ـ وفيما يقول سفنددال ـ في الألف الثالثة قبل الميلاد، وظل صناعة مصرية. وظل المصريون يحتكرون هذه الصناعة. حتى يقال أنهم كانوا يصنعون أختاما خاصة على كل فرخ من ورق البردي، للدلالة على أنه صناعة مصرية. وكانوا يصدرون كميات كبيرة منه إلى أوربا. وأن البطالمة كانوا يتقاضون ضريبة على الصادرات من البردي.
    وتذكر المصادر أن الفينيقيين لعبوا دوراً مهما كتجار لورق البردي وأنه منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد، كان هؤلاء يشترون ورق البردي من مصر، ثم يوزعونه لبقية الشعوب ولليونانيين أيضاً، وأن ورق البردي الذي يشتريه اليونانيون كان يأتي إليهم غالباً عبر مدينة ببلوس. مما جعل اليونانيين يطلقون هذا الاسم: ببلوس أولا على الورق، ثم بعد ذلك على الكتاب نفسه، وذلك نسبة إلى هذه المدينة الفينيقية القديمة.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
أنواع مواد الكتابة
يمكن أن تصنف المواد التي استخدامها الإنسان للكتابة وعلى مر العصور، إلى الفئات التالية:
أ- مواد طبيعية:
وهى مواد كان الإنسان يأخذها من البيئة، ويقوم بالكتابة عليها وهي ما تزال في شكلها الطبيعى. ومن هذه المواد على سبيل المثال: عظام الحيوانات، سعف النخيل، الأحجار، لحاء الشجر.
ب- مواد مجهزة:
وهذه عبارة عن مواد أخذها الإنسان من الطبيعة، وقام بمعالجتها حتى تصبح صالحة للكتابة، ومن هذه المواد على سبيل المثال: الجلود، الألواح الطينية، الألواح الخشبية، اللخاف (أحجار رقيقة بيضاء).
جـ- مواد مصنعة:
وهذه عبارة عن مواد قام الإنسان بتصنيعها، مستخدما في ذلك خامات من الطبيعية، واستطاع بذلك أن يقوم بإنتاج مواد جديدة تصلح لأن يسجل عليها خواطره وأفكاره. ومن هذه المواد على سبيل المثال: البردى، والرق، والورق.
من الطبيعي وفى ضوء هذا التصنيف، أن يكون استخدام الإنسان للمواد الطبيعية في الكتابة، أقدم بكثير منه بالنسبة للمواد المجهزة. وفيما يلي عرض مفصل لأهم المواد التي استخدمها الإنسان في الكتابة،  والشعوب التي كانت تستخدمها. وذلك في مختلف عصور التاريخ.

� الهندية بأنها حضارة شفهية.



قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

أنواع المكتبات في أوربا في العصور الوسطى:
منذ ذلك الوقت بدأت نوعيات مختلفة من المكتبات في الظهور في أوربا، ولكنها كانت في الأغلب مكتبات تابعة لمؤسسات دينية. ومن أهم هذه النوعيات:
1) مكتبات الأديرة.
2) مكتبات المجالس الكنسية.
3) مكتبات الباباوات.
4) مكتبات الحكام.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
أنواع الرق
هذا وقد عرف نوعان من الجلود المصنعة للكتابة هما:
1- البارشمان:
وكان يصنع من جلد الكباش والنعاج.
2- الرق:
    وهو أجود أنواع الجلود، وكان يصنع من جلود عجول البقر حديثي الولادة. ويتميز عن  البارشمان بأنه شفاف. ولعل ذلك هو ذلك جعله هو المادة المفضلة للكتابة لدى الرهبان المسيحيين خلال القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين فقد تفوق هؤلاء الرهبان في صناعة الرق. كما تفوقوا أيضاً في تلوينه بألوان مختلفة.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

انتشار هواة جمع الكتب:
وكانت هواية جمع الكتب قد انتشرت في أقطار أوربية كثيرة مثل فرنسا وانجلترا وألمانيا وهولندا، وكان هواة جمع الكتب هم عادة من رجال السياسة  في الدول المختلفة، أو من الأمراء والنبلاء، أو من الفلاسفة والأدباء، بالإضافة إلى رجال الدين طبعاً.
 وكان بفضل هؤلاء أو بفضل مجموعات الكتب التي كانوا يجمعونها، أن بدأت تظهر إلى الوجود المكتبات الخاصة أو المكتبات الأهلية، التي نمت بعد ذلك أو تحولت إلى مكتبات عامة أو مكتبات جامعية.



قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
الورق كمادة للكتابة
عرف الورق كمادة للكتابة في أوائل القرن الثاني الميلادي. ففي عام 105 ميلادية توصل إلى صناعته رجل صيني يدعى تساي لون،  تمكن هذا الرجل من أن يصنع الورق باستخدام عجينة من لحاء الشجر والحبال والخرق البالية وشباك الصيد القديمة مخلوطة بالماء. ونحن نعلم أن الصينيين كانوا قبل ذلك يكتبون على شرائط البامبو، وعلى الألواح الخشبية، وعلى الحرير، بل إنهم كانوا قد توصلوا إلى صناعة نوع من الورق باستخدام الحرير الخام، إلا أن هذا الورق الحريري لم يستخدم على نطاق واسع بسبب ارتفاع تكاليف صنعه.
ومن هنا يعود الفضل إلى تساي لون في اكتشاف أفضل وأرخص طريقة لصناعة الورق وإنتاجه على نطاق واسع.
ولقد ظل الورق ينتج في الصين حتى منتصف القرن الثاني الميلادي. ثم انتقل ببطء إلى المناطق المجاورة للصين والتي تخضع لنفوذها الثقافي بشكل مباشر؛ فوصل أولا إلى كوريا. ومن هناك عرفة اليابانيون حوالي عام 610م عن طريق مجموعة من الرهبان اليونانيين الذين وصلوا إلى اليابان وكانت معهم بعض الكتب المخطوطة على ورق مصنوع من لحاء شجر التوت، وكانت تقنية صناعة الورق في ذلك الوقت قد وصلت في الصين إلى قمتها.
    ومن الشرق انتقلت صناعة الورق غربا مع قوافل التجارة حتى وصل الورق إلى سمرقند في منتصف القرن الثامن الميلادي.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي


المؤسسات المكتبية في الحضارة السومارية:
تُعد مكتبات الحضارة السومرية من أقدم مكتبات حضارات بلاد ما بين النهرين، وترجع في تاريخها إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، ويقدر بعض العلماء عدد مقتنياتها بحوالي مئتي ألف لوح طيني، وإن كان البعض يدعي بأن أعداد مقتنياتها تفوق هذا الرقم بكثير.
وقد كشفت الحفريات التي أجريت في مواقع المدن الأثرية المنتمية إلى الحضارة السومرية عن وجود مجموعات كبيرة من الألواح الطينية، واللوحات الفخارية، التي يعتقد أنها بقايا مكتبات كبيرة وعظيمة  أنشئت في هذه الحضارة.
ومن أهم المكتشفات الأثرية في هذا الصدد ما عثر عليه في مدينة تللو Telloh التي تقع قرب لاغاش، فقد اكتشف الآثاريون مجموعة ضخمة من الألواح الطينية واللوحات الفخارية التي يقدرها البعض بحوالي 30 ألف لوح طيني، يرجح أنها ترجع إلى 1800 ق. م. ويعتقد أنها بقايا مقتنيات واحدة من أقدم مكتبات السومريين.
 وفي مدينة آور OWR. Ur التي تقع على مسافة ست عشرة كيلومترا جنوب الناصرية على نهر الفرات بجنوب العراق، (وكانت إحدى المدن السومرية الكبرى)، أسفرت نتائج الحفريات التي تمت خلال الأعوام 1918/ 1919 العثور على لوحات مكتوبة، وأختام فخارية وعادية، يرجع تاريخها إلى حوالي 3000 سنة ق. م. وتُعد من أقدم المكتشفات التاريخية المتعلقة بتاريخ الكتابة والمكتبات في حضارة السوماريين.
والجدير بالذكر أنه من نتائج هذه الحفرية، تعرفنا على الاسم الذي كان يطلقه السومريون على المكتبات في عصرهم، فقد دلت النقوش أنهم يستخدمون مصطلح "بيت اللوحات" لتسمية الأماكن التي يحتفظون فيها بالألواح الطينية والألواح الفخارية، وقد عثر على نقش يفيد بأن مجموعة لوحات مدينة آور كانت محفوظة في مكان يسمى "بيت اللوحات الكبير". وقد اكتشفت في مدينة آور أيضاً لوحات تحتوي على نصوص قانونية، يؤكد العلماء أسبقيتها في الظهور على تشريعات حمورابي القانونية بحوالي 300 عام.
ولم تكن حفريان مدينة آور، المصدر الوحيد لتعرفنا على مكتبات الحضارة السومرية، فقد قام الآثاريون، باكتشافات مماثلة في مدينة نيبور Nippur، حيث عُثر على أعداد كبيرة من الألواح الطينية، يعتقد أنها مقتنيات مكتبة كبيرة أُنشئت في هذه المدينة.
كما أدت الحفريات من عام 1937 إلى 1946 في منطقة تل عطشانة Tell Atchana الواقع على سهل العميق شرقي نهر العاصي، بين حدود تركيا وسوريا، إلى اكتشاف ألواح طينية مكتوبة باللغة المسمارية السومرية يرجع تاريخها إلى ما بين 2700 و2350 ق. م.
ومن خلال الحفريات التي تمت من عام 1930 إلى 1938، في تل العجول: Tell El Ajjul ويطلق عليه أيضاً تل الخراف) عثر على كمية كبيرة من اللوحات والألواح الطينية مكتوبة باللغة المسمارية، ويرجع تاريخها إلى عهد الحضارة السومرية.



قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

المكتبة الفاطمية"، وهي خزانة كتب العزيز الفاطمي الذي ولى حكم مصر من سنة 365 هـ إلى سنة 386 هـ، وقد كان اهتمام الفاطميين بالكتب والمكتبات شديدا باعتبارها أداة لنشر دعوتهم الشيعية، ولهذا أنشأوا الجامع الأزهر ليكون مدرسة تعلم الناس المذهب الإسماعيلي الشيعي، وأنشأ العزيز مكتبته الضخمة هذه بمساعدة وزيره يعقوب بن  كلس الذي كان جماعا للكتب.
وفي "خطط " المقريزي نجد ذكراً لأربعين خزانة من خزائن القصر وروايات مختلفة عن حجمها. فمن قال إنها كانت تضم ثمانين ألف كتاب ومن قائل إنها كانت تزيد على مائة وعشرين ألف مجلد، ومن قائل إنها كانت أكثر من مائتي ألف كتاب مجلد ويسير من المجردات، وارتفع أبوشامة بالرقم إلى مليوني كتاب وهي أعداد ضخمة لاشك في هذا وخاصة إذا نظرنا إليها في إطار العصر الذي أنشئت فيه المكتبة.



قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
المكتبة الأهلية بباريس:
أنشئت هذه المكتبة في باريس في أواخر القرن الثامن عشر، وكانت مجموعاتها تتكون في الأساس من مجموعات الكتب التي كان نابليون بونابرت يستولي عليها من البلاد التي غزاها في خلال حروبه، وخصوصا من مكتبات الأديرة التي تقع في المناطق التي تقع علي الجهة اليسرى من نهر الراين، وتم تزويد المكتبة الأهلية بعد ذلك بمجموعات كبيرة من الكتب، ثم الحصول عليها من المخازن الأوربية وذلك في عهد فان يرات الذي تولي إدارتها لفترة كما كانت مجموعات المكتبة تنوباستمرار حتي وصلت إلى أكثر من (300) ألف كتاب مطبوع بالإضافة إلى عدد كبير  من المخطوطات النفسية ويقال أن جان موجيرار، قام بدور كبير لنمو مجموعة هذه المكتبة، وذلك لسابق خبرته بالأديرة التي كانت تقع بالقرب من المكتبة، مما مكنه من الحصول علي الكثير من الكتب النادرة والمخطوطات الثمينة من هذه الأديرة، وكان ذلك غالبا عن طريق الشراء كما أنه أرسل في الفترة من 1802م – 1805م بوصفه مديراً للفنون والكتب بمنطقة الراين كثيراً من المؤلفات الثمينة والمنتقاة بدقة من مكتبات متز Metz ،وتريف Treue، وماينز Maenz وغيرها من المدن.
وفي عام 1805م  صدر قانون يقضي بإكمال مجموعات المكتبة الأهلية بباريس، من مقتنيات المكتبات الأخرى في فرنسا وذلك عن طريق تبادل النسخ المكررة بين المكتبات وبين المكتبة الأهلية، وقد ساعد ذلك كثيراً في نمو مجموعات المكتبة، وبطبيعة الحال فقد صاحب ذلك تطور مماثل في الأبنية الخاصة للمكتبة وفي ترتيبات حفظ الكتب بها.
وفي نفس الوقت تقريباً، وُجدت ودعمت القوانين الخاصة بالإيداع القانوني لنسخ الكتب التي يتم نشرها في فرنسا.
ففي عام 1860م بدأ العمل في توسيع المكتبة الأهلية بباريس، وفي عام 1868م تم افتتاح قاعة للمطالعة، وهي قاعة فخمة قام بتصممها المهندس المعروف هنري لابروست H. Labrouste.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
المكتبات في الحضارة الهندية
ويبدو أنه من الصعب معرفة متى عرفت الحضارة الهندية الكتابة، إلا أن رموز الكتابة "البروتوهندية" التي عثر عليها في وادي الهندوس، تعود بلا شك إلى الألف الرابعة قبل الميلاد. وكانت تتألف من 250 رمزا مختلفا، وتكتب على الحجر والخزف وألواح النحاس.
وبالرغم من المحاولات البحثية الجادة التي قام بها المؤرخون والبحاثة، لم يتمكنوا من حل رموز هذه اللغة، وفك طلاسمها، مما أدى إلى صعوبة التعرف على الإنتاج الفكري في الحضارة الهندية القديمة. أما أقدم النصوص التي وصلتنا بالحروف الهندية المعروفة، فترجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وهي المراسيم المشهورة التي أمر الملك أشوى (272- 236 ق. م) بنقشها على الحجر.
وفي ذلك الوقت كان هناك نوعان مستخدمان من الكتابة، أحدهما يعرف بالخاروشيش والآخر يعرف بالبراهيمي، وقد عرف الهنود الكتابة باللغة السنسكريتية، ووضعوا لهذه اللغة أصولا نحوية لضبطها، وكتبوا بها تراثهم الديني القديم، كما استخدموها كلغة للإنتاج الأدبي والشعري، وإن كان هذا قد تم في عصر متأخر.
استخدم الهنود في البداية مواد كتابية متنوعة، مثل الحجارة والأخشاب، كما استخدموا لاحقا لحاء شجر النخيل بعد تجفيفه وحكه بالزيت ليكتسب النعومة والمرونة، كما استخدموا في شمال الهند القشرة الرقيقة البيضاء لشجرة "التبولا". وكان استخدامهم لمواد كتابية هشة غير قادرة على الصمود ضد الزمن، الأثر الكبير في ضياع معظم تراثهم الفكري المكتوب.
أثبتت الدراسات المقارنة أن الهند أعطت البشرية تراثا فكريا غنيا، وكان للرواة أهمية بالغة ودور بارز في حفظ التراث الهندي،  ونقله عبر الأجيال، ولذلك كثيراً ما توصف الحضارة الهندية بأنها حضارة شفهية.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
المكتبات في الحضارة الصينية
بالرغم من أن معلوماتنا عن المكتبات في الحضارة الصينية  تعد قليلة للغاية، إلا أن الشواهد التاريخية  تؤكد الاحترام العظيم التي كانت تكنه شعوب هذه الحضارة للفلاسفة والمفكرين والمثقفين منهم. ويؤكد بعض المؤرخين أن المكتبات في الحضارة الصينية القديمة كانت تقام خصيصا لتستخدمها هذه الطبقة المميزة من المفكرين والأدباء الصينيين، بجانب طبقة الحكام وعليه القوم.
 وقد حافظت المكتبات في الحضارة الصينية على موروثات الثقافية والعلمية والعقائد للحضارة الصينية،  وطورتها. وكان لذلك المخزون الفكري أثره العميق في المجتمع الصيني، والمجتمعات الآسيوية المحيطة به بالرغم من أن الحضارة الصينية لم تتأثر بالتقلبات والتدهور في الحياة الثقافية والعلمية، التي كانت السمة المميزة لفترة العصور الوسطى في أوربا، إلا أن الحياة التعليمية والثقافية في المجتمع الصينيين المتمثلة في المؤسسات التعليمية والمكتبات، لم تكن متاحة إلا للطبقة المميزة في المجتمع من علية القوم والحكام والأثرياء ومن في حكمهم، كما أن الفرصة كانت متاحة أيضاً للمفكرين والفلاسفة والأدباء والمتمتعين بمكانة عالية في المجتمع الصيني.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
المكتبات في الحضارة السومرية
بين بادية الشام ومرتفعات إيران منخفض صحراوي يعبره نهرا دجلة والفرات، فيحولانه إلى سهل خصيب، وهو ما يُعرف اليوم بالعراق، شهد واحدة من أقدم حضارات العالم، عُرفت عبر التاريخ بالحضارة السومرية، التي أنشأها السومريون في الطرف الجنوبي من هذه المنطقة.
وقد حل السومريون في الجنوب عند مصب نهري دجلة والفرات حوالي سنة 3200 ق. م. وهناك أسسوا حضارتهم العظيمة، وكانوا يطلقون على بلدهم اسم سومر.
احتاج السومريون إلى تدوين أفكارهم، وضعوا أسس كتابة أخذها عنهم الأشوريون والبابليون وطوروها فأضحت أيسر استخداما وعُرفت باسم الكتابة المسمارية.
يرجع تاريخ الكتابة المسمارية إلى نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، وكانت تكتب بالطريقة التصويرية، التي يكتفي فيها برسم صورة تُعبر عن شيء معروف، وتصوره على وجه التقريب.
وقد بدأت الكتابة لدى السومريين من اليمين إلى اليسار كاللغة العربية، ومن أعلى إلى أسفل كاللغة الصينية، ولكن لحقها التطور وبدأت تُكتب من اليسار إلى اليمين كما في اللغات الأوربية. وقد أطلق على هذه الكتابة اسم Cuneiforme وتعني الشكل الوتدي أو الإسفيني. وقد أطلق عليها هذا الاسم بسبب أن هذه اللغة تكتب باستخدام أداة تصنع عادة من المعدن، أو الخشب، أو العاج، وتأخذ الشكل المثلث، كما أن حروف هذه اللغة تأخذ شكلا مقارباً للأداة المستخدمة لكتابتها، فتبدوا على شكل أسافين أو أوتاد. وقد سميت بالعربية الخط المسماري، أو الكتابة المسمارية، لنفس الأسباب السابقة.
استخدم السومريون الألواح الطينية  Clay Tabletوسيط رئيسي للكتابة، تتم الكتابة عليه باستخدام أداة  تأخذ شكل الإسفين أو الوتد تصنع من مواد مختلفة من المعدن، والخشب، وبعض أنواع العاج، وبعد الكتابة يترك لوح الطين النيئ Soft clay حتى يجف، وفي وقت لاحق  تم الاستعانة بأسلوب الحرق، حيث توضع الألواح الطينية بعد كتابتها في أفران وتجفف بالنار لتكتسب الصلابة، وسُمى ذلك بالفخار المحروق Fired ware وتُعد هذه الأشكال النوع الأول من الكتب التي أُنتجت في هذه الحضارة.
وبالرغم من أن الألواح الطينية، كانت ثقيلة الوزن صعبة الحمل كوسيط كتابي، إلا أنها امتازت عل الوسائط الكتابية الأخرى التي استخدمت في عصرها كأوراق البردي، بأنها أكثر تحملاً ومقاومة لعوامل التلف والدمار، ويرجع الفضل لهذا الوسيط الطيني، في تعرفنا على الكثير من ملامح وخصائص المكتبات المنتمية إلى حضارات مابين النهرين.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي
المكتبات في الحضارة البابلية
تم اكتشاف العديد من المكتبات  التي تحوي الواحدة منها عشرات الألوف من الألواح الطينية في كبريات مدن الحضارة البابلية. وقد اكتشف في ضواحي "نيبور: "NIPPUR الواقعة جنوبي بغداد، فيما بين سنتي 1890 و1900م، أعداد كبيرة من الألواح الطينية محفوظة في حجرات خاصة ملحقة بالمعبد، واستدل الآثاريون من ذلك على أن تلك الألواح كانت جزءاً من مقتنيات مكتبة ضخمة، أو مركزاً عظيما للوثائق، يرجع تاريخها إلى النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد.
كما اكتشفت مكتبات في مدن أخرى مثل كيش Kish، وكوتا Kuta، وسيبارSippar.
 وتعد آثار تل الحريري Tell al Hasriri الواقع في مدينة ماري Mari السورية، على ضفاف نهر الفرات من أهم الاكتشافات المكتبية في الحضارة البابلية، حيث عثر في هذا الموقع الأثري على سجلات ملكية ولوحات حفرت عليها حروف مسمارية تتضمن معلومات جغرافية وتاريخية، بجانب الأعمال الأدبية. ويدعى المؤرخون أن هذه المقتنيات تؤلف مكتبة تنافس مكتبة نينوي في الحضارة الأشورية، ومكتبة تللو في الحضارة السومرية.
وقد اكتشفت أيضاً في موقع أثري بمدينة بابل القديمة أعدد كبيرة من الألواح الطينية المحتوية على سجلات حكومية وإدارية، قدرت بعدة آلاف من الألواح، تتناول شتى المعلومات عن النظم الضريبية والسجلات المدنية، وثائق المحاكم، وغيرها من الوثائق الرسمية للدولة.
أما مقتنيات مكتبة بورسيبا Borsippa، تعد من المكتشفات المكتبية في هذه الحضارة، وقد استقى العلماء الكثير من معارفهم ومعلوماتهم عن الحضارة البابلية عن طريق دراستهم وتفحصهم لمقتنيات هذه المكتبة. والجدير بالذكر، أنه تم في وقت لاحق استنساخ هذه الألواح في عهد الملك الأشوري آشور بانيبال، وحفظت الألواح المستنسخة في مكتبة الملك الآشوري في نينوى (مكتبة آشور بانيبال).
 وتدل نتائج الدراسات حول هذه المكتبات في الحضارة البابلية بأنها كانت منظمة ومرتبة بطريقة منطقية بحيث يسهل استخدامها والاستفادة منها.



قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

المكتبات في الحضارة الأشورية
يرجع الفضل للسير أو ست هنري ليارد sir A. H. layard             الديبلوماسي الأثري الإنجليزي، لتعرفنا على واحدة من أعظم مكتبات الحضارة الآشورية، وذلك عندما قام بحفرياته عام 1840م في موقع بالقرب من الموصل (نينيوى سابقا)، يسمى "تل كيونجيك"، واكتشف مكتبة تحتوى على الآف من الألواح الطينية.
 ودلت الأبحاث التي أجريت ما بين الأعوام (1845- 1851م)، على أن ليارد  Layard وقع على أهم كشف أثري في مجال التأريخ للمكتبات في الحضارة الآشورية، فقد تبين أنه اكتشفت مكتبة الملك الآشوري آشور بانيبال، وقد توالت نتائج الأبحاث حول المكتبة، وكشفت لنا المزيد من الحقائق عنها.
دلت الأبحاث على أن تاريخ إنشاء مكتبة بانيبال يرجع إلى عهد الملك سارجون الثاني SARGON II (722- 705 ق. م)، الذي وضع أساس مقتنيات هذه المكتبة، وقام برعايتها حتى نهاية حكمه، وقد تولاها من بعده أبناؤه وحفدته، إلا أنها بلغت قمة عظمتها في عهد الملك آشور بانيبال (668- 626 ق. م). الذي لقب نفسه بـ "عناية الحاكم الآشوري المثقف آشور بانيبال ملك العالم، وملك الآشوريين" وقد أطلق على المكتبة نفسها عدة مسميات، ولذا يرد ذكرها في المصادر (بمكتبة نينوى)، "مكتبة آشور بانيبال" "مكتبة القصر الآشوري"، و"مكتبة قصر آشور بانيبال" وقد اختلف العلماء حول مقدار مقتنياتها حيث قال البعض  بأنها (10000) لوحاً طينياً، بينما يؤكد البعض الآخر بأنها (22000) لوحاً طينياً، ويذهب البعض إلى أنها أكثر بكثير من ذلك.
إلا أنه من الثابت أن الملك الآشوري آشور بانيبال قد جمع في هذه المكتبة كل ما وجده في القصور الملكية لأجداده من الملوك السابقين، وأضاف إليها كل ما استطاع جمعه في عصره، وحفظ فيها آلاف الألواح الطينية التي تمثل تراث حضارات ما بين النهرين، وفي جميع فروع المعرفة، وكانت المكتبة مفهرسة ومنظمة بصورة جيدة.
يرجع الفضل لهذا الاكتشاف الأثري في معرفتنا لكثير من التفاصيل حول كيفية ترتيب وفهرسة وتصنيف المكتبات التي كان يطلق عليها اسم "الخوابي الطينية" أي المكان الذي تحفظ فيه الألواح الطينية.
وقد عكست مجموعة الألواح الطينية التي وجدها سير ليارد صورة واضحة عن شئون الحياة اليومية، وخاصة في مجال الأعمال التجارية، والأمور الدينية، وقد تنوعت الموضوعات المتناولة في هذه الألواح الطينية، ما بين معلومات عن كيفية التعاملات التجارية، وإمساك الدفاتر الحسابية، إلى الكتابات المتعلقة بالروايات والأساطير الشعبية، وتلك المتضمنة الأحداث التاريخية، وسير الأبطال والحروب.
وكان يشرف على المكتبات الملحقة بالمعابد والقصور- في ذلك العصر- مسئولون يطلق عليهم" رجال الألواح المكتوبة"، وهو ما يقابل المصطلح الحديث "أمناء المكتبات أو أخصائيو المكتبات "، وتذكر الوثائق أن من أشهر هؤلاء "الرجال" شخص يدعى "أميل آنو: "Amil-Anu وهو بابلي الأصل.
ويحفظ الآن- الجزء الأكبر من مقتنيات مكتبة آشور بانيبال في المتحف البريطاني بلندن.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

المكتبات بالحضارة الفرعونية:
يرجع بعض المؤرخين قلة معرفتنا بالمكتبات في الحضارة المصرية القديمة إلى أن معظم مقتنياتها تكونت من لفائف البردي، الذي يعتبر وسيطا هشا معرضا للفناء  والتلف بفعل العوامل الطبيعية والبيئية، وهذه الفرضية على صحتها النسبية تتنافى في بعض جوانبها مع نتاج المكتشفات الأثرية، التي أدت إلى اكتشاف الآلاف من أوراق البردي ولفائفه في الحضارة المصرية القديمة، والتي وصلتنا بحالة سليمة وجيدة ومقروءة،  بالرغم من عمرها الذي يقدر بآلاف السنين.
وبالرغم من عدم بوح المكتشفات الأثرية عن الكثير من المكتبات في الحضارة المصرية القديمة، إلا أن المراجع المتأخرة، ذكرت وجود مكتبات في مناطق متفرقة في مصر، يرجع تاريخها إلى العصر الفرعوني، منها ما وجد في تل العمارنة، وهي مدينة أثرية تقع بالقرب من الضفة الشرقية للنيل على بعد حوالي 190 ميلا جنوب القاهرة بناها الملك أمنتحب الرابع حوالي 1396 ق. م، لتكون عاصمة لبلاده، وقد عثر فيها على دور تحتوي على ألواح طينية مكتوبة بالخط المسماري، ولفائف من البردي، مما يدل على أنها كانت مكتبة أو داراً للسجلات والوثائق.
وتلك الآثار التي وجدت في مدينة طيبة عاصمة مصر العليا منذ الأسرة الحادية عشرة و بها أعظم مجموعة أثرية في العالم، إذ وجد بها آثار تدل على وجود دور الوثائق والسجلات من لفائف البردي ترجع إلى حوالي 1200ق. م.
وبالرغم من وجود شواهد أثرية على قيام مكتبات، إلا أن المكتبات ذاتها لم يعد لها أثر؛ فقد عثر على آثار لمكتبات ترجع إلى العصر الفرعوني في مناطق دندرة ويطلق عليها بالهيروغليفية (أيونة- إن نترهـ) وتعني رواق المعبودة أو معبدها، وكانت عاصمة الإقليم السادس من أقاليم الصعيد، وتقع على الضفة الغربية من النيل على بعد 665 كم جنوبي القاهرة.



قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

المكتبات الوطنية (القومية) في أوربا في العصور الوسطى المتأخرة

في نهاية العصور الوسطي وبداية العصور الحديثة، وضعت البذور الأولي للمكتبات الوطنية (القومية) في الكثير من الأقطار الأوربية، وكان الاتجاه إلى إنشاء هذه المكتبات قد بدأ في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك نتيجة لمجموعة العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي سبقت الإشارة إليها، والتي أدت بدورها إلى ظهور الشعور القومي لدي مختلف الشعوب في أوربا، خصوصا بعد انتشار المكتبات العامة وانتشار التعليم والرخاء الاقتصادي الذي نتج عن فائض الإنتاج الذي أعقب الثورة الصناعية.
قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي



المكتبات المدرسية والجامعية
عرفت الدولة الإسلامية تلك المكتبات التي تخدم النظام التعليمي، وهي المكتبات المدرسة والجامعية، وقد تأخر ظهور هذا النوع نوعاً ما؛ لأن المسجد كان المدرسة الأولى في الإسلام، وكانت المساجد هي المؤسسات التعليمية الوحيدة خلال القرون الخمسة الأولى من تاريخ الإسلام. ويوم كان المسجد يقوم بدور المدرسة والجامعة في العملية التعليمية، كانت مكتبات المساجد هي البديل الطبيعي عن المكتبات المدرسية والجامعية.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي


المكتبات العامة
عرفت الدولة الإسلامية في عصورها الأولى نوعاً ثالثاً من أنواع المكتبات يعتبر اليوم مقياسا لرقي الأمم والشعوب وهو المكتبات العامة التي تنشئها الدول لتسهم في زيادة رصيد أبنائها من المعرفة والثقافة، وقد وجد هذا النوع من المكتبات في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية منذ وقت مبكر جدا، فصاحب "الأغاني" يحدثنا أن عبد الحكم بن عمرو بن صفوان الجمحي في العصر الأموي (ت160هـ) اتخذ له بيتا جعل فيه شطرنجات ونردات ودفاتر فيها من كل علم، وجعل في الجدار أوتاداً، فمن جاء علق ثيابه  على وتد منها ثم جر دفتراً فقرأه أو بعض ما يلعب به فيلعب به. قال ابن حزم: "وعبد الحكم، كان من فتيان قريش، قد اتخذ بيتاً لإخوانه، فيه كتب العلم، والشطرنجيات، والنرد"
ومعنى ذلك أن عبد الحكم هذا كان صاحب فكرة أول مكتبة عامة تفتح أبوابا للجمهور. ولم تكن المكتبة قائمة بذاتها وإنما كانت جزءا مما يمكن أن نطلق عليه بمصطلح العصر الحديث "ناديا ثقافيا" فيه إلى جانب الدفاتر شطرنجات ونردات.
ومما ساعد على كثرة المكتبات العامة وتراثها أن كثيراً من العلماء كانوا يوصون بأن تؤول إليها كتبهم بعد وفاتهم، كالذي فعله الصاحب بن عباد حين أو قف مكتبته على الري.
وكانت هذه المكتبات العامة تؤدي خدمة الإعارة، فيذكر ياقوت الحموي أن مرو كان بها في مطلع القرن السابع الهجري عشر خزائن الوقف جميعها مجانية والإعارة فيها بدون رهن.
ومن أشهر المكتبات العامة في الدولة الإسلامية تلك التي أساسها صابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي في حي الكرخ ببغداد سنة 382هـ كجزء من دار العلم وأوقف عليها أو قافا كثيرة وبلغت مجموعة كتبها عشرة آلاف مجلداً أغلبها بخطوط أصحابها، وبلغ من شهرتها أن المؤلفين كانوا يسعون إلى إيداع نسخ من كتبهم بها وهو ما كان يسمى "تخليدا" في اصطلاح ذلك الزمان، وهذه المكتبة رحل إليها أبوالعلاء المعري وذكر أمناءها في "رسالة الغفران " وكان الشريف المرتضى أحد القائمين عليها.
وثمة مكتبة أخرى ألحقها بنوعمار بدار العلم التي أسسوها في طرابلس الشام في القرن الخامس الهجري لنشر مذهبهم الشيعي، وحرصوا على أن يجلبوا لها نوادر الكتب ونفائس المخطوطات حتى قدر عدد كتبها في قمة مجدها بثلاثة ملايين مجلداً، وهو رقم لا يخلو من مبالغة ولكنه يعكس ضخامة حجم هذه المكتبة التي امتدت بها الحياة حتى أحرقها الصليبيون عندما احتلوا طرابلس  في سنة 502هـ.
وهذه المكتبات العامة التي عرفتها الدولة الإسلامية  في عصورها الأولى كانت عامة بكل معاني الكلمة، فقد كانت تقدم خدماتها من إعارة وإرشاد بلا مقابل، وكان بعضها يمضي إلى ما هو أبعد من ذلك فيقدم لرواده الورق والمداد والأقلام كما كان يحدث في مكتبتي البصرة ورام هرمز اللتين أنشأهما أبوعلى بن سواد (ت372هـ) أحد رجال حاشية عضد الدولة البويهي.
بل إن بعض  هذه المكتبات كانت تقدم  رواتب لمن يفد إليها ويقيم فيها من طلاب وباحثين؛ كما كان  الحال في مكتبة على بن يحي المعروف بابن المنجم، وهو من الأطباء النقلة الذين نقلوا كتب الطب وغيره من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي، وكان أحد كتاب المأمون وكان نديماً له وعنده فضل ومال. ومكتبة دار العلم التي أنشأها جعفر بن محمد حمدان الموصلي بالموصل ووقفها على كل طالب علم "لا يمنع أحد من دخولها إذا جاء غريب يطلب الأدب، وإن كان معسرا أعطاه ورَقاً وورِقًا".


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

المكتبات العامة في أوربا في العصور الوسطى المتأخرة:
نِشأت هذه المكتبات من المجموعات الخاصة بالحكام والأمراء، عندما تحولت إلى مكتبات متاحة للجمهور العام وليس لفئة محددة من أبناء المجتمع، كما أنها نشأت أيضاً من المجموعات الخاصة بهواة جمع الكتب، عندما أهدى هؤلاء كتبهم إلى مدينتهم مثلاً، أو عندما كتبوا في وصيتهم بإتاحتها للاستخدام العام. كما أنها نشأت أيضاً من مجموعات الكتب التي كانت موجودة بالأديرة الملغاة أو من مجموعات الكتب التي كانت السلطات تصادرها لتصبح ملكاً عاما للشعب.
علي كل حال نشأت المكتبات العامة في مختلف البلدان الأوربية بعد انتشار التعليم وظهور حركات الإصلاح الديني. وبعد أن ازاداد الوعي بأهمية الكتب وضرورة الإفادة منها.
ففي ألمانيا مثلا: كانت هناك المكتبات العامة وكانت تعرف بالمكتبات البلدية. وقد ظهرت في كل من أو جزيورج، وفرانكفورت، ولوبك وهامبورج، ومجدبورج، ونور مبرج.
وفي فرنسا ظهرت المكتبات العامة بعد أن صودرت المجموعات الخاصة لدي الطبقة الأرستقراطية وأعلنت ملكيتها لعامة الشعب.
كذلك انتشرت المكتبات العامة في مختلف البلدان الأوربية الأخرى، إلا أنه في السنوات الأولي من إنشائها كانت المكتبة العامة في فرنسا بالذات ما تزال تضح الحواجز التي تحول دون إفادة الجمهور العام منها.
يقول الفريد هيستيل:
" كان ارتياد المكتبات العامة مغلفاً بالصعاب. وكان القس بغنون هو أول من وضع القواعد ليسهل استعمال المكتبة العامة. وبهذه الطريقة كان بمقدور أعلام عصر التنوير استخدام المكتبة الملكية. بل وأكثر من هذا، اعترفت الجمعية الوطنية في سنة 1790م بأهمية المكتبة في الحياة العملية.
علي الرغم من كل هذا، فإننا نحيد عن الصواب إذا خلعنا علي المكتبة صبغة علمية خالصة. فقد كانت فكرة أن المكتبة دليل علي الفخامة والأبهة ومكان للاستعراض  ما تزال مسيطرة عليها ".



قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

المكتبات الخاصة بالحضارة الفرعونية:
تدل الدراسات حول تاريخ المكتبات في الحضارة الفرعونية، أن قيام المكتبات الخاصة بالملوك والوزراء والكهنة، سبقت وجود المكتبات الملحقة بالمعابد، حيث أكدت الأبحاث أن عليه القوم في هذه الحضارة كانوا يمتلكون مكتبات يرجع تاريخها إلى ألفي سنة قبل الميلاد، من أمثلتها تلك التي كان يمتلكها الملك "رمسيس الثاني" (توفى عام 1225 ق. م)، والتي تكونت محتوياتها من برديات تتناول الكثير من الموضوعات. وقد عُثر على كتابات تشير إلى وجود هذه المكتبة، وإن لم يعثر على المكتبة نفسها.
كما اكتشفت أيضاً مكتبة فرعونية، أكدت نتائج الدراسات التي أجريت عليها، أنها كانت مكتبة لاثنين من أمناء المكتبة، ينتمون إلى طبقة الكهنة، كما أثبتت الدراسات أنهما كانا أباً وابنة، مما يرجح أن مهنة أمين المكتبة، كانت من المهن المتوارثة في ذلك العصر بين طبقة العاملين في مجال الكهنوت. وقد دلت المكتشفات الأثرية أن من قاموا بأعباء أمانة المكتبات كانوا ينتمون إلى طبقة الكهنة.
كما عرفت أيضاً مكتبات المعابد؛ ففي منطقة هليوبلس Heliopolis  فقد وجد بمعبدها لفائف من البردي، تؤكد أن كهنة معبد هليوبلس، أول من قسموا السنة إلى اثنى عشر شهراً، ثم قسموا الشهر إلى ثلاثين يوما، ثم أضافوا إليها في آخر العام خمسة أيام كي تصبح السنة 365 يوماً، كما عثر بهذا المعبد على لفائف بردي تتناول الموضوعات الأدبية والفلسفية.
وتُعد مكتبة معبد حورس Hours في مدينة "إدفو" واحدة من أشهر المكتبات الدينية في حضارة قدماء المصريين، وقد احتوت هذه المكتبة، التي أُطلق عليها مسمى "بيت البردي"، على لفائف من البردي تتناول موضوعات متعلقة بالفلك، والديانات والصيد، كما وجد بها فهرس منقوش على أحد جدرانها مدون عليه مقتنياتها.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

بقيام المدرسة النظامية في بغداد في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري لتدريس مذهب أهل السنة والجماعة، اعتبر نظام الملك وزير السلاجقة أول من أسس المدارس وجعلها عملا رسميا من أعمال الدولة. ولم تكن هذه المدرسة مدرسة بالمعنى الاصطلاحي للكلمة وإنما كانت أقرب إلى الجامعة بمفهوم العصر الحديث، وقد زودت عند إنشائها بمكتبة ضخمة جدد عمارتها الناصر لدين الله العباسي سنة 589هـ  ونقل إليها من الكتب النفيسة ألوفا لا يوجد مثلها، حتى ليقال إن فهرسها كان يضم بين دفتيه ستة آلاف مجلد.


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

المدرسة المستنصرية التي أقامها المستنصر العباسي في بغداد سنة 631هـ  لتكون جامعة تحمل اسمه وزودها بخزانة كتب عظيمة قيل إنها بلغت يوم الافتتاح ثمانين ألف مجلد.
ونذكر منها أيضاً المدرسة الفاضلية التي أنشأها القاضي الفاضل وزير صلاح الدين بالقاهرة ونقل إليها من خزانة القواطم مائة ألف مجلد كما يروي المقريزي في "خططه".


قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

الكتابة في الحضارة الفينيقية
الفينيقيون فئة من قبائل سامية عرفت بالكنعانيين نزحت عن شبه الجزيرة العربية في أو اسط الألف الرابع قبل الميلاد، واتجهت صوب الغرب، حيث استقرت بجوار البحر الأبيض المتوسط، وغلب اسم بلاد كنعان على المناطق التي حلت فيها.  
وفينيقيا منطقة ساحلية تمتد من شمال "رأس شمرا" على الشاطئ السوري  حتى جبل الكرمل في الجنوب، وفي الشرق تحدها سلسلة جبال، أما في الغرب فلها واجهة بحرية عريضة، كان لها الفضل في ازدهار هذه الحضارة.
وفي وقت لم توجد فيه معابر صناعية بين قارات العالم (مثل قناة السويس)، بدت فينيقيا الممر الطبيعي الأوحد بين قارات العالم القديم (آسيا، أوربا، وأفريقيا). أو بلغة التاريخ، بين حضارات ذات دور في تاريخ هذه الدول، ويُعد ساحل البحر الأبيض المتوسط، المدى الحيوي الأوسع نشاطا للفينيقيين. وعرف الساحل الفينيقي مدن كبيرة، أشهرها جبال (جبيل أو ببيلوس)، وصيرون، وصور، وأغاريت (بيروت).
تنقسم اللغات السامية إلى فرعين، أحدهما في الشمال (بلاد ما بين النهرين)، والثاني في الغرب، ومنه تفرعت اللغات العربية، والآرامية، والكنعانية. ومن الكنعانية، اشتقت لغتان، الفينيقية والعبرية. لذا فإن اللغة الفينيقية لغة كنعانية من الأصل السامي.
في أوائل القرن الثاني عشر قبل الميلاد، لم تكن الحروف الأبجدية قد عُرفت بعد، دليل أن رسائل تل العمارنة  التي كتبت في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، قد خُطت بالمسمارية الأكادية. وهذه الكتابة المسمارية الأكادية نجم عنها كتابة أبجدية مسمارية طورت في مدينة أوغاريت الفينيقية،ولكنها كانت أبجدية معقدة في دلالاتها الصوتية، وقد قضت الحروب التي تلت هذه الفترة على معظم الآثار المكتوبة بهذه اللغة.
وهناك رأي آخر يقول بأن الفينيقيين قد اعتمدوا على الأحرف السينائية (نسبة إلى سيناء)، المشتقة من الهيروغليفية المتطورة، أي الكتابة الهيروغليفية التصويرية، تلك الكتابات التي عُرفت بالكتابة الهيراطيقية، وهي نوع من الكتابات الهيروغليفية المبسطة.
ونجد أن رأياً آخر يرد الأبجدية الفينيقية إلى الأصل المسماري، استناداً على أن اللغات السامية في بلاد ما بين النهرين، قد انتشرت في كل أنحاء الجوار، بينما اللغة والكتابة المصرية القديمة بقيت محصورة في وادي النيل.
وفي جميع الأحوال، سواء نقل الفينيقيون عن الهيروغليفية بعض رموزها، أو عن الكتابة المسمارية بعض حروفها، فإنهم لم يكتفوا في التعبير عن أفكارهم بالكتابات المعروفة لدى جيرانهم، فكلتا الكتابتين الهيروغليفية والمسمارية، لم تفي بحاجة التجار الفينيقيين في حياتهم العملية واليومية، لذلك تجاوزوا مرحلة الكتابة المقطعية، التي كانت من سمات اللغات الهيروغليفية والمسمارية، إلى المرحلة الحرفية، حيث يعبر فيها الحرف عن صوت، وتوصلوا إلى حصر كل الأصوات في عدد قليل من الحروف، فاشتملت أبجديتهم على اثنين وعشرين حرفا ساكنا لا حركة عليه، وسميت كتابتهم بالأبجدية لأنها تبدأ بلفظة أبجد، وحرفت الرسوم واختصرت، فتوصلوا إلى شكل نهائي يسمى بالحرف.
ولا يستغرب أن يتوصل الفينيقيون بالذات، وهم الذين اشتهروا كشعب عملي، إلى وضع نمط جديد من الحروف أسهل وأفضل بكثير من اللغات التي كانت مستخدمة في الحضارات التي سبقتهم أو عاصرتهم.
كان لاكتشاف الأبجدية أبعاداً جديدة وعميقة في هذه الحضارة، فقد سهلت المعاملات التجارية بينهم. وبين شعوب المنطقة، مما سهل على الفينيقيين مهمة تطوير تجارتهم وتدعيم مركزها الاقتصادي والحضاري في المنطقة. وعند اقتباس العالم لأبجديتهم اتسع نطاق التبادل والمعرفة والفكر، وكان بالتالي حافزا لانطلاقة فكرية برزت في الحضارة الإغريقية، وقد جاء في كتابات المؤرخ  اليوناني هيردوتس: أن أحد الفينيقيين ويدعى قدموس، ابتكر حروف الهجاء، ونشرها أثناء انتقاله نحو الغرب، وذكر أن أبجدية قدموس اقتصرت على ثمانية عشر حرفاً، أكملها من بعده بالاميروس الإغريقي إلى 22 حرفاً.
استخدم الفينيقيون لفائف البردي كوسيط مادي للكتابة، وليس هذا بالأمر المستغرب، فقد كان ورق البردي من البضائع الرئيسة التي تداولها التجار الفينيقيون، وقاموا بتسويقها عبر موانئهم إلى جميع أنحاء العالم المعروف آنذاك.