الجمعة، 8 مايو 2015

قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

تأخر ظهور المكتبات في أوربا في العصور الوسطى:
في بداية العصور الوسطي شهدت أوربا سقوط الدولة الرومانية في القرن السادس الميلادي، وذلك على أثر هجمات القبائل الجرمانية، كما كانت المسيحية قد انتشرت في أقطار أوربية عديدة، وأصبحت الديانة الرسمية لشعوبها. وكان لهذين العاملين أثرهما الواضح على تأخر ظهور المكتبات في أوربا الحديثة؛ فالجرمانيون الغزاة لم يكن لديهم اهتمام كبير بالكتب أو المكتبات، كما أن المسيحيين من أهل البلاد لم يكونوا يرحبون كثيراً بالكتب غير المسيحية باعتبارها من وجهة نظرهم كتباً وثنية.
وهكذا وقعت المكتبات الأوربية بين شقي الرحى، مما أدى إلى ضياع وتلاشي إعدادا كبيرة من المخطوطات التي كانت تمتلكها هذه المكتبات في بداية العصور الوسطى. أما البقية الباقية من المخطوطات فقد وجدت ملجأ لها في داخل الأديرة والمؤسسات الدينية المسيحية الجديدة.
وهكذا كان إنشاء وإدارة المكتبات في القرون الأولى من العصر الوسيط  يقوم على عاتق الرهبان بالدرجة الأولى، وكانت المكتبات توجد في الأغلب في داخل الأديرة، ولم يكن هناك نشاط ملحوظ لتكوين المكتبات خارج الأديرة؛ وذلك بسبب انتشار الأمية في مختلف البلدان الأوربية، فقد كان التعليم محدوداً، وأن عدد الذين يقرأون اللاتينية التي لغة التأليف والكتابة في ذلك الزمان - كان قليلاً، وأن القرون الأولى من تاريخ المسيحية كانت فترة قلاقل سياسية؛ فقد أغارت القبائل الجرمانية البربرية على إيطاليا ودمرتها، وشن السكسون والأيرلنديون هجماتهم الهمجية على انجلترا في القرن الخامس فخربوها، ولم تكد تلتقط أنفاسها في القرن السابع وتظهر فيها مكتبات الأديرة وتجلب لها الكتب من روما حتى تعرضت للخراب والدمار من جديد على يد الدانمركيين في القرن التاسع الميلادي.
ويبدو أن الحال قد ظل هكذا حتى القرن التاسع الميلادي. عندما تمكن أحد الرهبان المعروفين، وهو ألكوين Alcuin من أن يقنع شارلمان ملك ألمانيا، بأن يهتم بقضية التعليم – تعليم الشعب  مما جعل هذا الملك، الذي يقال انه كان يقرأ بصعوبة ولم يتعلم الكتابة أبدا، جعله يهتم بفتح المدارس في الأديرة والكنائس الكبيرة. مما ساهم في انتشار التعليم، ومن ثم زيادة الوعي بأهمية الكتب والمكتبات. فانشأ في قصره أكثر من مكتبة. وحذا حذوه من خلفه على حكم ألمانيا من أمثال حفيده  شارل الأصلع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق