الثلاثاء، 28 أبريل 2015

2) مواد الكتابة في العصور الوسطى
    في العصور القديمة تم استخدام البردي والرق كمادتين للكتابة، بل وامتد هذا الاستخدام لعدة قرون خلال العصور الوسطى،  وذلك على الرغم من ظهور مادة أخرى تفوق فى مزاياها كل ما ظهر قبلها من مواد للكتابة، هذه المادة هي الورق.         وهذا يعني أن ظهور الورق واستخدامه في الكتابة  لم ينتج عنه اختفاء البردي أو الرق اختفاء تاما. فقد ظل ورق البردي وكذلك الرق يستخدمان في الكتابة جنبا إلى جنب مع الورق ولعدة قرون.
الورق:
عرف الورق كمادة للكتابة في أوائل القرن الثاني الميلادي. ففي عام 105 ميلادية توصل إلى صناعته رجل صيني يدعى تساي لون،  تمكن هذا الرجل من أن يصنع الورق باستخدام عجينة من لحاء الشجر والحبال والخرق البالية وشباك الصيد القديمة مخلوطة بالماء. ونحن نعلم أن الصينيين كانوا قبل ذلك يكتبون على شرائط البامبو، وعلى الألواح الخشبية، وعلى الحرير، بل إنهم كانوا قد توصلوا إلى صناعة نوع من الورق باستخدام الحرير الخام، إلا أن هذا الورق الحريري لم يستخدم على نطاق واسع بسبب ارتفاع تكاليف صنعه.
ومن هنا يعود الفضل إلى تساي لون في اكتشاف أفضل وأرخص طريقة لصناعة الورق وإنتاجه على نطاق واسع.
ولقد ظل الورق ينتج في الصين حتى منتصف القرن الثاني الميلادي. ثم انتقل ببطء إلى المناطق المجاورة للصين والتي تخضع لنفوذها الثقافي بشكل مباشر؛ فوصل أولا إلى كوريا. ومن هناك عرفة اليابانيون حوالي عام 610م عن طريق مجموعة من الرهبان اليونانيين الذين وصلوا إلى اليابان وكانت معهم بعض الكتب المخطوطة على ورق مصنوع من لحاء شجر التوت، وكانت تقنية صناعة الورق في ذلك الوقت قد وصلت في الصين إلى قمتها.
    ومن الشرق انتقلت صناعة الورق غربا مع قوافل التجارة حتى وصل الورق إلى سمرقند في منتصف القرن الثامن الميلادي.
العرب وصناعة الورق:
ولقد عرف العرب صناعة الورق عن طريق سمرقند عندما وصلت فتوحاتهم إلى هناك. وبعد أن وقع في الأسر عدد كبير من الصينيين الذين كانت لهم دراية بطريقة صناعة الورق. فاحتفظ العرب الفاتحون بهؤلاء الأسرى واقتادوهم إلى مدينة سمرقند، حيث أسسوا بمساعدة هؤلاء الأسرى أول معمل لصناعة الورق.
    وفي نهاية القرن الثامن الميلادي وبمساعدة الصينيين أيضاً  وصلت صناعة الورق إلى بغداد. وبدأ بالفعل إنتاج الورق هناك حوالي عام 870 م. ومن بغداد انتقل الورق إلى دمشق، وفي دمشق ازدهرت صناعته بدرجة كبيرة، وظلت مدينة دمشق تنفرد ولفترة طويلة بإنتاج أفضل أنواع الورق، وهو الورق المعروف بـ"الورق الدمشقي".
بعد ذلك انتقلت صناعة الورق إلى مصر، حيث بدأ الورق يقضي بالتدريج على استعمال البردي. وبعد ذلك انتقلت هذه الصناعة إلى أقطار المغرب العربي، وعبر المغرب العربي انتقل الورق إلى أوربا، وبالتحديد إلى أسبانيا في عام 1150م، حيث أنشئ أول مصنع للورق هناك في مدينة شاطبة بمقاطعة فلنسيا. ومن أسبانيا انتقلت صناعة الورق إلى إيطاليا، حيث أنشئ مصنع للورق في مدينة فابريانو عام 1276م، وبعد ذلك انتقلت صناعة الورق إلى فرنسا، ثم ألمانيا وانجلترا، وغير ذلك من الأقطار الأوربية، وفي عام 1575م نقل الأسبان صناعة الورق إلى المكسيك في أمريكا الشمالية. كما أنشئ أول مصنع للورق في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1690 بولاية فيلادلفيا. ووصلت صناعة الورق بعد ذلك إلى كندا عام 1803، حيث كان الورق يستخدم هناك لطباعة الجرائد.
حتى أواخر القرن الثامن عشر، كان الورق يصنع من الخرق البالية والقماش وكان إنتاجه على هيئة أفرخ منفصلة، حتى نجح الفرنسي نيكولاس روبرت N. Bobert فى اختراع ماكينة لصنع أفرخ الورق المتصلة. وكان لهذا الاختراع أثره في زيادة إنتاج الورق. يضاف إلى ذلك أنه في أوائل القرن التاسع عشر أدخل الإنجليزي برين دونكن Donkin Bryan تحسينات على ماكينة روبرت، مما أدى إلى زيادة إنتاج الورق بكميات كبيرة.
ولقد شهدت تكنولوجيا صناعة الورق تطوراً كبيراً أيضاً من خلال اختراعات أخرى سواء لمواد خام تستخدم في الصناعة أو لأساليب الصناعة نفسها والآلات الخاصة بها. وهكذا فقد شهد القرن التاسع عشر والقرن العشرون تطورات هائلة في هذه الصناعة سواء من حيث كميات  إنتاج الورق أو  من حيث نوعياته، حتى أن بعض مصانع الورق أمكنها صناعة لفائف من الورق باتساع أكبر من ثلاثين قدماً، وطول أكبر من 2500 قدماً في الدقيقة الواحدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق