الأربعاء، 29 أبريل 2015

تاريخ التفسير منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى عهد تابعي التابعين

قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي

التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
        نزل القرآن الكريم بلغة العرب وعلي أساليب بلاغتهم فكانوا يفهمونه ويدركون أغراضه ومراميه وإن تفاوتوا في هذا الفهم والإدراك تبعا لاختلاف درجاتهم العلمية ومواهبهم العقلية.
        وكان الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً إذا استشكل عليهم معني من معاني القرآن لجأوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيوضحه لهم ويبينه لهم، مصداقا لقول الله تعالي: {000 وأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ولَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (44) سورة النحل "     والحق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الكثير من معاني القرآن الكريم لأصحابه، لكنه لم يبين كل معاني القرآن لأن من القرآن ما استأثر الله تعالي بعلمه.
2- التفسير في عهد الصحابة:
        كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يجدوا التفسير في كتاب الله تعالي، ولم يتيسر لهم أخذه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجعوا في ذلك لاجتهادهم وإعمال رأيهم، وساعدهم على التفسير أنهم عرب خلص يعرفون معاني اللغة العربية وأسررها وأنهم عاشوا فترة نزول الوحي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفوا أسباب النزول وأدركوا ما أحاط بالقرآن من ظروف وملابسات تعين على منهم كثير من الآيات.
        ولقد اشتهر بالتفسير من الصحابة – كما قال السيوطي في الإتقان ـ  الخلفاء الأربعة وابن مسعود وبن عباس وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسي الأشعري وعبد الله بن الزبير، وأكثر من رووا عنهم من هؤلاء العشرة أربعة وهم: عبد الله بن عباس ثم عبد الله بن مسعود ثم على بن أبي طالب ثم أبي بن كعب رضي الله عنهم جميعاً 
        وهناك من تكلم من الصحابة في التفسير كأبي هريرة وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمرو بن العاص وأنس ابن مالك، غير أن ما نقل عنهم في التفسير قليل جدا بالنسبة للعشرة الذين ذكرهم السيوطي. 
3- التفسير في عهد التابعين:
        لم يدون التفسير في عهد الصحابة لقرب العهد برسول الله صلى الله عليه وسلم ولقلة الاختلاف والتمكن من الرجوع إلى الثقات.
        فلما انقضي عهد الصحابة أو كاد وصار الأمر إلى تابعيهم انتشر الإسلام واتسعت الأمصار وتفرق الصحابة في الأقطار وحدثت الفتن واختلفت الآراء وكثرت الفتاوى والرجوع إلى الكبراء فأخذوا في تدوين الحديث والفقه وعلوم القرآن.
        فأول ما دونوه من علوم القرآن التفسير، ومن أقدم التفاسير ـ كما ذكرنا من قبل ـ تفسير أبي العالية رفيع بن مهران الرياحي ومجاهد بن جبر ثم تفسير عطاء بن أبي رباح، ثم تفسير محمد بم كعب القرظي.
        ابتدأ في هذا العصر تدوين التفسير والتأليف فيه، وأول كتاب ظهر في التفسير كان لسعيد بن جبير الذي قتله الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 95هـ وكان اعلم التابعين في التفسير.
4- التفسير في عهد تابعي التابعين
        في هذا العهد اتجهت الهمم إلى جمع ما أثر من التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحابته وعن التابعين فدونوا علم التفسير وصارت  كتبهم اجمع للعلم من الكتب السابقة. واشتهر من بينهم مقاتل بن سليمان، وشعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري، ووكيع بن الجراح، وسفيان بن عيينه، ويزيد بن هارون، وروح بن عباده القيسي، وعبد الرازق بن همام الصنعاني، وإسحاق بن راهوية، وآدم بن أبي إياس العسقلاني.
        وقد ضاع أكثر هذه التفاسير، فلم يبق منها إلا تفسير سفيان الثوري الذي طبع في الهند وتفسير عبد الرزاق وتفسير مقاتل بن سليمان.

        وإذا كانت معظم التفاسير في عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم لم تصل إلينا، فإن مضمون ما فيها قد نقله إلينا محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير الكبير المتداول بين الناس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق