الأربعاء، 29 أبريل 2015

عوامل عدم وجود تراث مكتوب للعرب قبل الإسلام

قراءة وتبسيط دكتور مجدي الجاكي


       هناك العديد من العوامل التي كانت سبباً في عدم وجود تراث كبير مكتوب لدى العرب قبل الإسلام، نذكر منها سبعة عوامل فقط، وهي: الترحال الدائم، وقسوة الطبيعة، وعدم انتشار الكتابة، وعدم توافر مواد الكتابة، والنزاعات الداخلية، والحروب الخارجية، والانعزال الثقافي.
1- الترحال الدائم:
      فقد العرب في حالة ترحال دائم، بحثاً  عن الماء وسعياً وراء الكلأ والعشب، ومن ثم لم تكن الفرصة سانحة لإعمال الفكر  تدوين الأفكار.
2- قسوة الطبيعية:
حيث يتسم مناخ الجزيرة العربية بالحرارة الشديدة في الصيف والبرودة القارسة في الشتاء، أضف إلى ذلك طبيعة المكان ذاته من جبال ورمال وصخور.
3- عدم انتشار الكتابة:
فلم يكن العرب في جاهليتهم أمة كاتبة، بل إن كثيراً من نوابغ شعرائها لم يكونوا على شيئ من القراءة والكتابة، مثال ذلك ما وصلنا من بعض الأخبار عن قصة طرفة بن العبد الشاعر المعروف وخاله المتلمس حين حمل كل منهما رسالة من عمرو بن هند إلى عامله بالبحرين، وفي الرسالة أمر بقتلهما لأنهما قد هجواه، ولم يكن كل منهما يعرف القراءة ولا الكتابة، وفي الطريق دفع المتلمس برسالته إلى غلام بالحيرة ليقرأها، فقال له الغلام بعد أن قرأها: أنت المتلمس؟ قال: نعم، قال له الغلام: النجاء النجاء، فقد أمر بقتلك، فألقى المتلمس الصحيفة في نهر الحيرة، أشار المتلمس على طرفه بن العبد بالرجوع، فأبى طرفه بن العبد وسار بصحيفته إلى حيث لقي مصرعه.
4- عدم توافر مواد الكتابة:
فلم يتوافر لدى العرب في ذلك الوقت مواد للكتابة؛  كالبردي الذي كان متوفرا في مصر، أو الألواح الطينية التي كانت متوافرة في العراق، أو الرق الذي كان متوافراً في اليونان، وإنما توافر عندهم مواد بسيطة كاللخاف والعظام والعسب والكرانيف، هذه المواد لا تتحمل من الكتابة إلا أقل القليل؛ ومن ثم كانت كتاباتهم قليلة.
5- النزاعات الداخلية:
فقد كانت هذه النزاعات تقوم بين القبائل لأتفه الأسباب، وكلنا يعرف الحرب الشهيرة التي استمرت لعشرات السنوات حرب داحس والغبراء.
هذه النزاعات الداخلية ما تركت للعربي ذهنا صافيا لكي يفكر ويبدع ويسجل أفكاره وإبداعاته.
6- الحروب الخارجية:
وأهمها تلك الحروب التي كانت تقوم بين الفرس والروم ,حيث كان العرب بعضهم موال للفرس وبعضهم الآخر موال للروم ومن ثم فقد كانت تؤثر عليهم تلك الحروب التي كانت كثيراً ما تحدث بين الفرس والروم.
تلك الحروب لم تتح للعربي فرصة الاستقرار الذهني والإبداع الفكري، ومن ثم لم يترك لنا تراثاً يعتد به.
7- الانعزال الثقافي:
    فقد كان العربي منكباً على حياته البسيطة، ولم تتح له فرصة الاتصال بالعالم الخارجي إلا في التجارة والتي كان مشغولا فيها بالبيع والشراء ومن ثم لم يتعرف على حضارات أو ثقافات أخرى.
هذه الأسباب السبعة وغيرها ساعدت بشكل أو بآخر في عدم توافر فرصة الإبداع أو التفكير بعمق، والذي ينتج عنهما تراثاً قويا مدونا.
ولكن العرب القدماء استبدلوا بالتدوين المكتوب تدوينا محفوظاً في الذاكرة، وكانت الرواية الشفوية هي وسيلة انتقاله فيما بينهم أو عبر الأجيال المتعاقبة. ولكون الحفظ والرواية أقل دقة وضبطاً من التدوين والكتابة ـ فإن كثيراً من التراث العربي تعرض للضياع.
وإذا كانت بعض الأخبار المتناثرة في ثنايا بعض الكتب القديمة تشير إلى وجود بعض الكتب أو الكتاب في فترة الجاهلية، فإن ذلك لم يكن غير حالات فردية نادرة، ومعظم هؤلاء من غير العرب، كما أننا لسنا على بينة كافية من أسماء تلك الكتب القديمة في فترة الجاهلية.

 والقول الذي نميل إليه أنه لم يكن للعرب تراثاً مدوناً مكتوباً قبل الإسلام سوى بعض القصائد والمعلقات. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق