الثلاثاء، 28 أبريل 2015

تنظيم وإتاحة مجموعات المكتبة الإلكترونية
أولاً: التنظيم
يشير مصطلح "تنظيم" هنا إلى مختَلِف العمليات الفَنِّية التي تُجْرى على المصادر الإلكترونية، كالفهرسة، والتصنيف، والتكشيف... إلخ، والتي يُراعَى عند القيام بها الطبيعة الخاصَّة لهذه المصادر، ونوعية الخدمات التي ستُقَدَّم اعتمادًا عليها؛ لذلك يرى "محمد فتحي عبدالهادي" أنَّ التنظيم، أو ما كان يعرف سابقًا بالمعالجة الفنية، يُعَدُّ عصب العمل بمؤسَّسات أو مرافق المعلومات ومِحْور النَّشاط بها؛ ولذلك فإنَّ أوعية المعلومات التي يتمُّ اختيارها واقتناؤها لا قيمة لها، ولا فائدة منها، ما لم يُستخدَم ويُستفَدْ منها على نحوٍ فاعل، ولا يمكن أن يتمَّ الاستخدام أو تتم الإفادة إلاَّ إذا تم الوصول إلى هذه الأوعية ومحتوياتها عبر أدوات ووسائل تُتِيح الاسترجاع بسهولة وبسرعة، هذه الوسائل أو الأدوات، والمتمثِّلة في الفهارس والكشافات وقواعد البيانات الببليوجرافية وغيرها، هي النِّتاج الملموس للمعالجة الفنية.
 هنالك عِدَّة طرُق يمكن من خلالها تَنْظيم مصادر المعلومات الإلكترونية، مثل:
• تنظيمها وَفْق إحدى خطط التصنيف المتعارف عليها، أو وَفْق خطَّة تصنيف مصمَّمة لذلك.
• تنظيمها وَفْق قطاعات موضوعيَّة عريضة، ثم قطاعات موضوعية فَرْعية.
• تنظيمها هجائيًّا وفق عناوين المواقع الإلكترونية الخاصَّة بكلٍّ منها - بالنسبة للمصادر المتاحة عبر شبكة الإنترنت.
 لا يُرجِّح الباحث أسلوبًا أو أساسًا للتَّنظيم على آخَر؛ وإنما تستطيع كلُّ مكتبة أن تتخَيَّر من هذه الأُسُس واحدًا أو أكثر، حسبَما يتلاءم معها.
 أمَّا فهرسة هذه المصادر، فكثيرًا ما يُحْجِم المَكْتبيُّون عن فهرستها؛ لِعَدَم إلمامهم بالقواعد المُتَّبَعة في فهرستها؛ وذلك لأنَّها ليست جديدة على المكتبات ومراكز المعلومات، بل لأنَّها جديدة على الفهرسة.
 هذا الأمر يستوجب من برامج الإعداد في المَجال أن تَلْتَفِت إلى طبيعة مقرَّرات الفهرسة فيها؛ حتى تُغطِّي موضوعات فهرسة الأشكال الإلكترونية، وتحرص على إعداد المُفَهْرِسين الأَكْفاء ممن تمَّ إعدادهم لفهرسة مصادر المعلومات على مختَلِف أشكالها، بالإضافة إلى بعض المُتخصِّصين في فهرسة المعلومات بشكل خاص.
 لذلك تَجْدُر الإشارة هنا إلى الجهود التي قامت بها كلٌّ من جمعية المكتبات الأمريكيَّة، والمكتبة البريطانية، والمعهد المُرخّص لأخصائي المكتبات والمعلومات، واللجنة الأسترالية للفهرسة، واللجنة الكَنَديَّة للفهرسة، ومكتبة الكونجرس؛ وذلك باعتبارهم لجنة التوجيه المشتَرَكة لمراجعة القواعد بإشرافهم على إعداد قواعد الفهرسة الأنجلو- أمريكية، الطَّبعة الثانية، مراجعة (2002)، تحديث (2005) في مجلَّدين.
 فقد حوَتْ هذه الطبعة فصلاً كاملاً يبيِّن قواعد فهرسة المصادر الإلكترونية، وهو الفصل التاسع من المجلد الأول، والذي وردَ فيه: "تُغَطِّي القواعدُ في هذا الفَصْلِ وصفَ المصادر الإلكترونية، وتتكوَّن المصادر الإلكترونية من بيانات (معلومات تُمثِّل أرقامًا، ونصًّا، ورسومًا، وصُورًا، وخرائط، وصورًا متحرِّكة، وموسيقا، وأصوات... إلخ)، أو تجميعه من البيانات والبرامج، وأنَّه لأغراض الفهرسة يمكن معالجة المصادر الإلكترونية بواحدة من طريقتين، ويتوقَّف ذلك على ما إذا كانت الإتاحة مباشرة - محَلِّية - أو عن بُعْد - من خلال شبكة".
 وإذا نظَرْنَا إلى تلك القواعد نجد أنَّها قد كُتِبَت بكلِّ وضوح وإتقان وإجادة من قِبَل المُهْتمِّين، ولكن يَرى الباحث أنَّه لا بدَّ من مواكبة التطوُّر في عصر يَتَّسِم بالسُّرعة، وهو أن يقوم المهتمُّون في المجال بفصل هذه القواعد عن غيرها في جزئية خاصَّة، أو مجلد خاص؛ لتسهيل فهمها والعمل بها.
 أما عن تصنيف مصادر المعلومات الإلكترونية، فينبغي التأكيد على أنَّه ليست هنالك خطَّة بعينها مفضلة عن غيرها بالنسبة إلى تصنيف هذه الفئة؛ وإنما ينبغي على كلِّ مكتبة أن تتخيَّر خطَّة التصنيف التي تلائمها، وتتناسب مع طبيعتها الخاصة، وكَمّ ونَوْع هذه المصادر، إضافة إلى طبيعة احتياجات المستفيدين من خدماتها، وهنا يَقْتَرح كاتب هذا البحث أنَّ نُظُمَ التَّصنيف المكتبية هي الأكثر ملاءَمَةً لهذا الغرض- تصنيف مصادر المعلومات الإلكترونية- ويُرجّح في ذلك نظام تصنيف ديوي العَشْري؛ وذلك لِسُهولة رموزه، ودورية تَحْديثه، مقارَنَة بالتصانيف الأخرى.
ثانيًا: إتاحة مصادر المعلومات الإلكترونية
إنَّ هناك مُصْطلحَيْن يُستخدَمان بشكل تبادُلِي؛ للتَّعبير عن الإتاحة في هذا السِّياق، وَهُما: إتاحة الحُصول، وإتاحة الوُصول، فكِلاَهما يمثِّلان السَّبيل الذي يتمُّ من خلاله تحقيق التَّلاقي بين كلٍّ من المستفيد ومصدر المعلومات الإلكتروني، إلاَّ أنَّ الفرق بينهما يَكْمُن في وجهة النَّظَر التي ينظر من خلالها إلى السَّبيل لتحقيق هذا التَّلاقي، ترتبط إتاحة الحصول بما تَقُوم به الجهة المنتجة لمصدر المعلومات الإلكتروني في سبيل توافُرِه وتيسير الإفادة منه، بينما يفرض مفهوم إتاحة الوصول تيسير سبُلِ الوصول بَذْل المستفيد من مصدر المعلومات الإلكتروني قَدْرًا من الجهد إلى جانب الجهد الذي تبذله الجهة المنتجة للمصدر من أجل الإفادة منه.
 أدَّى ظهورُ بعض العوامل الجديدة، كانفجار المعلومات، وارتفاع أسعار مصادر المعلومات، وزيادة مصادر المعلومات الإلكترونية، وتقليص الميزانيات- إلى تحوُّلٍ في عملية بناء وتنمية المجموعات من التَّركيز على امتلاك المصادر، إلى التركيز على إتاحتها دون امتلاكها بالضَّرورة، وحيث إنَّ الدور الرئيسي للمكتبيِّ هو إتاحة مصادر المعلومات بكفاءة وفاعلية.
 ومن ناحية أخرى نجد أنَّ هنالك مستوَيَيْن أو درجتَيْن من الإتاحة لمصادر المعلومات الإلكترونيَّة، هما:
أ- الإتاحة المباشرة أو المحلية:
وتَعْنِي إمكانيَّةَ الوصول إلى مصادر المعلومات الإلكترونية بشكل مباشر، حيث يكون مُحمَّلاً على وسيط، مثل: أن يكون محمَّلاً على قُرْص مليزر أو ممغنط، يمكن للمستفيد تشغيلُه من خلال جهاز الحاسب الآلي، وباختصار تتمُّ هذه الإتاحة عن طريق:
 1- شبكات المعلومات:
حيث تُتاح المَصادر على حاسب آلي مركزي، فيمكن إجراء البحث للمستفيدين باستخدام واجهة تعامل رسوميَّة، وتُعَد هذه الطريقة من أفضل طرق الإتاحة، إلاَّ أنَّ رسوم التَّرخيص وتَكْلِفة المساحة المُخَزَّنة في الحاسب المركزي، تُحتِّم ضرورة انتقاء المصادر.
 2- الإتاحة عبر خادم الملف:
ويتمُّ تمثيل المصادر المتاحة بهذه الطريقة في الفهرس العامِّ المتاح على الخَطِّ المباشر لربط المستفيدين بمصادر المعلومات المتاحة عَبْرَه.
 3- الإتاحة عبر محطة عمل مستقلَّة.
4- إتاحة عبر الأقراص المليزرة، متصلة بشبكة معلومات:
وتلجأ المكتبة إلى هذا النَّوع الأخير من الإتاحة في حالة عدَمِ كفاية إتاحة مصدر المعلومات الإلكتروني عبر محطَّة عمل.
 ويفترض أنَّ الوضع الأمثل للإتاحة يكون بتوفير إمكانات البحث للمستفيد في الموضوعات التي يرْغَب فيها، من خلال الفهرس الآلي المباشر للمكتبة المحلِّية التي يستخدمها، بحيث يمكنه استرجاع المعلومات بالأشكال المختلفة، بما في ذلك الأشكال الإلكترونية، والتي قد تتوافر على أقراص أو قواعد بيانات.
 ب- الإتاحة عن بعد:
ويُستخدَم هذا المصطَلَح للتعبير عن إمكانية التَّعامُل مع مصادر المعلومات الإلكترونية بشكل غير مادِّي وغير مَلْموس، مثل أن يُتاح مصدر معلومات من خلال شبكات الحاسب الآليِّ على الخطِّ المباشر، وعادةً يَستخدِم أُمَناء المكتبات هذا النَّمطَ من الإتاحة؛ لإحاطة المستفيدين علمًا بالمصادر الموجودة خارج نطاق المكتبة.
 يَرَى كاتب هذه السُّطورِ أنَّ الطريقة التي يمكن أن تكون مثالية في الإتاحة هي الإتاحة المباشرة أو المحلِّية عَبْر شبكات المعلومات، مع وضع اعتبارات للرُّسوم الخاصَّة بالتَّرخيص والتكلفة العالية للمساحة المُخَزَّنة في الحاسب المركزي، والتي من أوَّل حلولها انتقاءُ المصادر[1].




[1] يحيى آدم عبد الله جبال. مصادر المعلومات الإلكترونية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق