السنة النبوية: معناها ومنزلتها
قد علمنا فيما قبل أن القرآن الكريم هو
الأصل الأول للدين الإسلامي، وأن السنة النبوية هي الأصل الثاني.
والسنة
هي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وصفاته الخلقية والخلقية،
وهي بهذا المعنى مرادفة للحديث النبوي عند كثير من العلماء.
ومنزلة السنة النبوية
أنها مبينه للقرآن الكريم وشارحة له، تفصل مجمله، وتوضح مشكلة، وتقيد مطلقه، وتخصص
عامه، وتبسط ما فيه من إيجاز. قال الله تعالي": {000 وأَنزَلْنَا
إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ولَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ } (44) سورة النحل ".
قال الله تعالي {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ
وآتُواْ الزَّكَاةَ وارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} (43) سورة البقرة، لم يرد في
القرآن بيان عدد الصلوات ولا كيفيتها، فجاءت السنة موضحة لذلك، وكذلك لم يرد في
القرآن بيان متى تجب الزكاة ولا أنصبتها ولا مقدار ما يخرج فيها ولا فيم تجب،
فجاءت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فبينت ذلك.
وقد تستقل السنة بالتشريع في بعض الأحيان،
وذلك كتحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، وتحريم كل ذي ناب من السباع
ومخلب من الطير، وتحليل ميتة السمك، إلى غير ذلك من الأحكام التي زادتها السنة عن
القرآن الكريم.
وقد
اتفق العلماء الثقات على حجية السنة، سواء ما كان منها على سبيل البيان أو على
سبيل الاستقلال، قال الإمام الشوكاني " إن ثبوت حجية السنة المطهرة
واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف في هذا إلا من لاحظ له في
الإسلام ".
وقد
استفاض القرآن والسنة الصحيحة بحجية كل ما تثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن
ذلك: قول الله سبحانه {.... ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ومَا نَهَاكُمْ
عَنْهُ فَانتَهُوا واتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (7) سورة
الحشر"
وقال أيضاً {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ
اللّهَ ومَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (80) سورة النساء.
وقال محذراً من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم {... فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَو يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (63) سورة
النــور.
وأما
الأحاديث فكثيرة، منها ما رواه الإمام أبوداود في سننه بسنده عن المقداد بن معد
يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ألا إني أوتيت
القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل
شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم
فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه،
ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب
من السباع، ولا لقطة مال
المعاهد } وفي لفظ: { يوشك أن يقعد الرجل على أريكته فيحدث بحديثي فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه
حلالا استحللناه، وما وجدناه فيه حراما حرمناه، وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم
الله.
انطلاقا من هذه الأهمية البالغة للسنة النبوية نجد اهتماما بألفاظها من لدن
صحابة النبي صلى الله وعليه وسلم وإلى عصرنا هذا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق