عناوين الأبواب أو الفصول بالمخطوط العربي
كما هو الحال بالنسبة لعنوان المخطوط، واسم
مؤلفه، فإن عناوين الأبواب أو الفصول، أو حتى العناوين الجانبية –إن وجدت- لم تكن
في كثير من المخطوطات القديمة تميز عن النص لا بحجم الخط، ولا بلون المداد؛ وإنما
أنت تكتب بنفس حجم الخط، ولون المداد الذي كتب به المخطوط كله؛ بل كانت الأبواب
والفصول كثيراً ما ترد مكتوبة وسط السطر مبدؤه بكلمة باب، أو فصل. . . ؛ ثم يسرد
المؤلف، أو الناسخ المادة العلمية. ولا شك
أن هذه الطريقة متعبة للقارئ الذي قد يكون يريد باباً معيناً، أو فصلا من الفصول؛
وهذا هو –كما يبدو- السبب الجوهري الذي حدا فيما بعد بكثير من المؤلفين والناسخين
إلى اتباع أسلوب جديد يقوم على تمييز عناوين الأبواب والفصول بأي وسيلتين، أو بهما
معاً. الأولى تكبير حجم خط عنوان الباب أو
الفصل؛ والثانية هي تغيير لون المداد بحيث يكون مخالفاً لمداد بقية نص المخطوط.
كانت نصوص الكتب العربية المخطوطة تكتب –في
الغالب الأعم- بالمداد الأسود؛ والذي كان مفضلاً لدى الكتاب والقراء على حد سواء. أما عناوين الأبواب والفصول فكانت تكتب بالمداد
الأحمر، أو الأزرق، أو الأخضر، أو البني؛ وإن كان اللون الأحمر هو الأكثر
استعمالاً في مثل هذه الحالات، باستثناء المصاحف حيث كانت أسماء السور تكتب –عادة-
بماء الذهب.
التذهيب مارسه قبل المسلمين قدماء المصريين في
نفائس كتبهم؛ كما كان من مميزات فن الكتاب البيزنطي في العصور الوسطى.
لم
يكن التذهيب لسور القرآن الكريم يطبق على جميع المصاحف؛ إذ وجد كثير من المصاحف
دون تذهيب؛ بل غن بعض النسخ القرآنية لم تكن تميز أسماء سورها عن السور نفسها لا
بخط، ولا بمداد. ويقال أن المسلمين
الأوائل كانوا يتحرجون من إدخال أي شيء يميز كتابة القرآن الكريم عما كانت عليه في
عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعهد خلفائه الراشيدين؛ ويشمل هذا التحرج الشكل
والإعجام والزخرفة ولكنهم – أي المسلمون الأوائل- ما لبثوا أن تخلوا عن ذلك حين
رأوا أهميته، بل وضرورة الشكل والإعجام لمنع اللحن فيه. ثم انتقلوا إلى زخرفة أسماء السور؛ وفواصل
الآيات في بعض المصاحف. وكان ماء الذهب. وبعض الألوان الزاهية الأخرى ولا سيما الأرجواني
اللامع، والأزرق الفيروزي هي المفضلة في زخرفة القرآن الكريم وتزويقه، حتى أصبحت
بعض المصاحف قطعاً فنية رائعة. وسنستعرض
موضوع التذهيب بشيء من التفصيل ضمن الحديث فيما بعد عن الصور، والرسومات، والحليات،
والزخارف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق